أرجع كثير من الباحثين أهميَّة قابس التاريخية إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي، إذ أنَّها تقع على البحر، وتطل على خليج سيرتا الصغير، وقد سمَّى المؤرِّخ اليوناني هيرودوتس الملقب بأبي التاريخ الخليج ببحيرة تريتونس. وتحيط بقابس الواحة في أغلب جهاتها، ومن عوامل أهمية موقعه الجغرافي الاستراتيجي هو كونها واقعة على الطريق التجارية التي تربط المشرق بالمغرب والمحطات التجارية الإفريقية، بالإضافة إلى كونها الباب الذي دخل منه الفاتحون العرب لإفريقيا.[2]

تأسيس قابسعدل

من المشهور أنَّ قابس قد أسسها الفينيقيون غير أنَّ بعض الباحثين يحتملون أنَّ البربر هم الذين سبقوا الفينقيين بتأسيس تكاب القديمة، ومن هؤلاء محمد المرزوقي في كتابه قابس جنة الدنيا إذ نقل عندائرة المعارف الإسلامية ما نصه: «إن الفينيقيين هم الذين أسَّسوا (تكاب) القديمة. قد يكون هذا صحيحاً، ويحتمل أن يكون بناؤها سابقاً للفينيقيين، وأنَّ المؤسسين الأصليين هم البربر الذين عرفتهم قبل الفينيقيين، ولعلَّ في ابتداء اسمها بالتاء المفتوحة ما يرجح هذا الاحتمال؛ إذ المعروف أنَّ أسماء المدن البربرية تبدأ غالباً بالتاء مثل تطاوين.. تاوجت.. تامزرط.. تاهرت.. تافلات..».

وقد عرض بلقاسم بن محمد جراد في كتابه قابس عبر التاريخ بعضاً من المؤيدات التي تؤيد ما احتمله المرزوقي، ومنها: وجود مقابر على الشكل البربري والفينيقي والروماني والإسلامي بمقبرة سيدي بولبابة القديمة، وأثناء الحفريات لبناء المساكن، وكذلك عند توسيع الضريح من الخلف حيث بني المسجد الجديد، وكذلك عند حفر بناء المساكن؛وجدت بعض المقابر في صناديق من الحجارة وفي دنانات خوابي فخارية مما يثبت الأطوار التاريخية التي مرَّت بها قابس منذ تاريخها القديم.[3]

ثم ورثتها عنهم الإمبراطورية القرطاجية. خلال القرن الثاني قبل الميلاد وبعد انتصار روما على قرطاج في الحرب البونيقية الثانيةأصبحت المدينة مستعمرة تابعة لمقاطعة طرابلس الرومانية وعرفت باسم تاكابي حيث ذكرها أبوليوس في أعماله. عرفت قابس كذلك باسم تاكابيس أو تاكاباس كما عرف خليجها باسم مينوريس سيرتيسأو سيرتيس الصغرى.

و معروفة هي أسماء ثلاثة من قديسي تاكابي المسيحية وهم :ديولكيتيوس الذي أوفد إلى مجمع قرطاجة كممثل عن أساقفة إقليم طرابلس عام 403 م كما حضر مؤتمر قرطاجة عام 411 م، ونجد كذلك الأسقف سيرفيليوس الذي طرده الملك الوندالي هينريك في عام 484 م، وأما القديس الثالث فهو كايوس أو غالوس الذي أوفد كممثل عن مقاطعته إلى مجمع قرطاجة عام 525